أمير الشعراء Admin
الجنس : الأبراج : الأبراج الصينية : تاريخ الميلاد : 20/02/1983 العمر : 41 تاريخ التسجيل : 19/01/2008 عدد المشاركات : 9426 تقييم الأعضاء لك : 3 مدى نشاطك في المنتدى : 48340 عارضة الطاقة ( مدى نشاطك ) : جنسيتك : فلسطيني بلد العضو : وظيفة العضو : مزاج العضو : الهواية : إحترامك لقوانين المنتدى : الدعاء : SMS : الوسام الأول : الوسام الثاني : الوسام الثالث :
| موضوع: العنوان : مهانة نفس 24/6/2008, 3:29 am | |
| العنوان مَـهَـانَـةُ نَـفْـس ! المؤلف الشيخ عبدالرحمن السحيم
حينما تَسْمُو الـنَّفْس البشرية فإنها تَرتَقِي مَطالِع الجوزاء ! ويَتْعب الجِسْم في تحقيق غاياتها ومطالِبها ..
وإذا كانت النفوس كبارا = تعبت في مرادها الأجسام
وتَسْتَلِذّ نَفْس الْحُرّ الْمُرَّ في سبيل التطلّع إلى العلياء
ومَن تَكُن العلياء هِمّة نَفْسِه = فَكُلّ الذي يَلقاه فيها مُحَـبَّبُ
وحِين تعلو هِمّة الـنَّفْس يَزداد قَدْرُها .. ويَرتفِع ثمنها !
يقول الإمام الشافعي :
علَيَّ ثياب لو يُباع جميعها = بِفَلْسٍ لكان الفَلْس منهن أكثرا وفيهن نَفْسٌ لو يُقاس بمثلها = نفوس الوَرَى كانت أجَلّ وأخطرا وما ضَرّ نَصْل السّيف إخلاق غِمده = إذا كان عَضْبا حيث أنفذته بَرى فإن تكن الأيام أزْرَتْ بِبَزّتِي = فَكَم مِن حُسام في غِلافٍ مُكيف الحالسّرا
أما حين تَهُون الـنَّفْس على صاحِبها .. فإنه يَهون هو في أعْين الناس
مَن يَهُن يَسْهُل الهوان عليه = ما لِجُرْح بِمَيّتٍ إيـلامُ
فإن الناس تَضَع الإنسان حيث يَضَع نَفْسَه
كما قال الجرجاني : أرى الناس مَن دَاناهم هَان عندهم = ومَن أكْرَمَتْه عِزّة الـنَّفْسِ أُكْرِمَا
ومَتى هانَتِ الـنَّفْس عند صاحِبها دَسّاها وحقّرها بِكل خُلُق مرذول ! وصَغّرها بما يَشِينها وتَخَلّق بِكل خُلُق دنيء ولا يَرْضى بِالدُّون إلا دنيء !
قال ابن القيم : فلو كانت النفس شَريفة كبيرة لم تَرْضَ بالدُّون ، فأصْلُ الخير كلّه بتوفيق الله ومشيئته ، وشَرَف الـنَّفْس ونُبْلها وكبرها . وأصْل الشّر خستها ودناءتها وصغرها . قال تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) ، أي : أفْلَح مَن كَبّرها وكيف الحالثّرها ونَمّاها بِطَاعَةِ الله ، وخَابَ مَن صَغّرها وحَقّرها بِمَعَاصِي الله ، فالـنُّفُوس الشريفة لا تَرْضَى من الأشياء إلا بأعلاها وأفضلها وأحْمَدها عاقبة ، والـنُّفُوس الدنيئة تَحُوم حَول الدَّنَاءات وتَقَع عليها ، كما يَقَع الذُّبَاب على الأقْذَار ، فالـنَّفْس الشَّرِيفة الْعَلِيّة لا تَرْضَى بالظُّلْم ولا بالفواحش ولا بالسرقة والخيانة ، لأنها أكبر من ذلك وأجَلّ ، والنّفْس الْمَهِينة الْحَقِيرة والْخَسِيسة بالضِّدّ مِن ذلك ؛ فَكُلّ نَفْسٍ تَمِيل إلى ما يُناسبها ويُشاكلها . اهـ .
وقال في ذِكْر عقوبات الذّنُوب : ومِن عُقُوبَاتها : أنها تُصَغّر الـنَّفْس وتَقْمَعَها وتُدَسّيها وتُحَقّرها حتى تصير أصْغَر كل شيء وأحْقَره ، كما أن الطاعة تُنَمِّها وتُزَكّيها وتُكَبّرها . قال تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) ، والمعنى : قد أفْلَح مَن كَبّرها وأعلاها بِطاعة الله وأظْهَرها ، وقَد خَسِرَ مَن أخْفَاها وحَقّرها وصَغّرَها بِمَعْصِية الله ... فالطاعة والْبِرّ تُكَبّر الـنَّفْس وتُعِزّها وتُعْلِيها حتى تصير أشرف شيء وأكْبَره وأزْكَاه وأعْلاه ، ومع ذلك فهي أذلّ شيء وأحْقَره وأصْغَره لله تعالى ، وبِهَذا الذّل حَصَلَ لها هذا العِزّ والشَّرَف والـنّمُو ؛ فما صَغّر النفس مثل مَعْصِية الله ، ومَا كيف الحالبّرها وشَرّفها ورَفعها مثل طاعة الله . اهـ .
وإن مما تَهُون بِه الـنَّفْس أن يَعتَاد الإنسان خُلُقا مِن أخلاق المنافِقين .. بل قد يَسْتَسِيغ ما غَصّ به عُـبّاد الأوثان ! أو يَسْتَحْسِن ما اسْتَقْبَحه أهل الجاهلية الأولى !
وكيف الحالفَى بِذَنْبٍ قُـبْحًا أن يَتَبرّأ مِنه أهل الجاهلية ! فيَخْشَى أحدهم أن يُعيَّرَ بِه !
وحَسْبُك مِن خُلُق رَذَالَة أن يَعِيبَـه من كان يَعبد الأصنام والأوثان !
ذلكم هو " الْكَذِب " الذي عُيِّر بِه " مُسَيلِمة " فاقْتَرَن اسمه بِوصْفِ الْكَذِب ! فلا يُذكَر إلا ويُعَرّف بـ " الكيف الحالذّاب " !
والكَذِب خُلُق من أخلاق المنافِقين ، ففي خِصال الـنِّفاق : " إذا حَدّث كيف الحالذَب " كما في الصحيحين . قال منصور الفقيه :
الصِّـدق أوْلَى مَا بِهِ = دَانَ امرؤ فاجْعَلْه دِينا وَدَعِ النّفاق فما رَأيْـ = ـتُ مُنافِقًا إلاَّ مَهينا
وإنما يَكذِب الكيف الحالذّاب مِن دناءة نَفْسِه ..
قال محمد بن كعب القرظي : لا يَكْذِب الكيف الحالاذِب إلا مِن مَهَانَة نَفْسِه عليه .
والكّذِب أبْغض خُلُق إلى صاحِب الْخُلُق العظيم صلى الله عليه وسلم . قالت عائشة رضي الله عنها : ما كان خُلُق أبغض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن الكذب ، فإن كان الرجل يَكذب عنده الكذبة فما يَزال في نفسه عليه حتى يَعلم أنه قد أحدث منها توبة . رواه عبد الرزاق ومِن طريقه الترمذي وابن حبان .
والمؤمن يُطْبَع على الخلال كلها إلاَّ الخيانة والكذب . كما قال أبو أمامة رضي الله عنه .
وأخرج البيهقي في الشُّعَب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : لا تَجِد المؤمن كيف الحالذّابا وقال عمر أيضا : لا تَنْظُروا إلى صلاة أحَدٍ ولا إلى صيامه ، ولكن انْظُرُوا إلى مَن إذا حَدّث صَدق ، وإذا ائتمن أدَى ، وإذا أشْفَى وَرِع . وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول في خطبته : ليس فيما دون الصدق من الحديث خير ، مَن يَكذب يَفْجُر ، ومَن يَفْجُر يَهلك .
وقال أنس رضي الله عنه : إن الرجل ليُحْرَم قيام الليل وصيام النهار بالكِذبة يَكذبها .
وقال محمد بن سيرين : الكلام أوسع من أن يَكذب ظَريف . وقال عمر بن عبد العزيز : ما كَذَبْتُ منذ عَلِمْتُ أن الكيف الحالذِب يَضُرّ أهله . وقال الغازي بن قيس : ما كيف الحالذَبْتُ منذ احْتَلَمْتُ . وقال : والله ما كيف الحالذَبْتُ كِذبة قَطّ منذ اغتسلت ، ولولا أن عمر بن عبد العزيز قَالَه ما قُلْتُه
وإذا كان الكذب بِضاعة شيطانية .. فإن الصِّدْق مَنْجَاة ، وهو بِضاعة أهل الإيمان .. قال كعب بن مالك رضي الله عنه وهو يُحدِّث بِخبر توبة الله عليه : فو الله ما علمت أن أحدًا من المسلمين أبْلاه الله في صِدق الحديث منذ ذَكيف الحالرْتُ ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا أحسن مما أبلاني الله به ، والله ما تعمدت كِذبة منذ قلتُ ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا ، وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقي . رواه البخاري ومسلم .
وقال علي رضي الله عنه : زِين الحديث الصِّدق .
وخُلِّد في ذِكْر ربعي بن حراش أنه ما كيف الحالذَب كذبة ! قال وكيع : لم يَكذب ربعي بن حراش في الإسلام كِذبة . رواه الترمذي . وروى أبو بردة بن عبد الله بن أبي بردة قال : كان يُقال : إن ربعي بن حراش رضي الله عنه لم يكذب كذبا قط ، فأقبل ابناه من خراسان قد تأجّلا ، فجاء العَريف إلى الحجاج فقال : أيها الأمير إن الناس يَزعمون أن ربعي بن حراش لم يكذب قط ، وقد قدم ابناه من خراسان وهما عاصيان ! فقال الحجاج : عَليّ به ، فلما جاء قال : أيها الشيخ . قال : ما تشاء ؟ قال : ما فَعل ابناك ؟ قال : المستعان الله خَلّفتُهما في البيت . قال : لا جَرَم ! والله لا أسوؤك فيهما ، هما لك .
وأصى الخلفاء مُعلّمي أبنائهم بتعليمهم الصِّدْق . قال أسعد بن عبيد الله المخزومي : أمَرَني عبد الملك بن مروان أنْ أُعَلِّم بَنِيه الصِّدق كما أُعَلّمُهم القرآن .
وقال مطر الوراق : خَصلتان إذا كانتا في عبدٍ كان سائر عمله تَبَعًا لهما : حُسْن الصلاة ، وصِدْق الحديث . وقال الفضيل : لم يَتَزَيّن الناس بشيء أفضل مِن الصدق وطَلَب الحلال .
وقال عبد العزيز بن أبي روّاد : إبْرَار الدنيا : الكيف الحالذِب وقِلّة الحياء ؛ فَمَنْ طَلَب الدّنيا بِغيرهما فقد أخطأ الطريق والْمَطْلَب . وإبْرَار الآخرة : الحياء ، والصِّدق ؛ فمن طلب الآخرة بغيرهما فقد أخطأ الطريق والْمَطْلَب . اهـ .
وقال يوسف بن أسباط : يُرْزَق العبد بالصِّدْق ثلاث خِصال : الْحَلاوة والْمَلاحَة والْمَهَابة
قيل لِلُقْمان الحكيم : ما بَلَغَ بك ما نَرى ؟ قال : صِدْق الحديث ، وأداء الأمانة ، وتَرْك ما لا يَعْنِيني .
وإن أعظَم الكذب ما بَلَغ الآفاق .. وفي رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم : الرجل الذي أتيت عليه يُشْرَشْر شِدْقه إلى قَفَاه ، ومنخره إلى قفاه ، وعينه إلى قفاه ؛ فإنه الرجل يَغدو من بيته فيكذب الكِذبة تَبلغ الآفاق . رواه البخاري . أوْ ما أدّى إلى الطعن في الأعراض .. وكل كيف الحالذِب تَعدّى ضَرَرُه ..
قال ابن حبان : كل شيء يُسْتَعَار لِيُتَجَمّل به سَهْل وُجُوده ، خَلا اللسان ، فإنه لا يُنْبِئ إلاّ عَمّا عُوِّد ، والصِّدق يُنْجِى ، والكيف الحالذب يُرْدِي ، ومَن غَلب لِسانه أمّرَه قومُه ، ومن أكثر الكذب لم يترك لنفسه شيئا يُصَدّق به ، ولا يكذب إلا مَن هَانت عليه نَفسه . قال : وأنشدني الكريزي : كيف الحالذَبْتَ ومَن يَكْذِب فإن جزاءه = إذا ما أتى بالصدق أن لا يُصَدّقا إذا عُرف الكذاب بالكذب لم يزل = لدى الناس كذابا وإن كان صادقا
وقال ابن حبان : أنشدني الأبرش: الكِذْبُ مُرديك ، وإن لم تخف = والصِّدْقُ منجيك على كل حال فانطق بما شئت تجد غِبَّه = لم تُبْتَخَسْ وَزنة مثقال
وقال ابن حبان : لو لم يكن للكذب من الشَّين إلاَّ إنزاله صاحبه بحيث أن صَدَق لم يُصدّق ، لكان الواجب على الْخَلْق كافَّة لزوم التثبت بالصدق الدائم ، وإن من آفة الكذب أن يكون صاحبه نسيا ، فإذا كان كذلك كان كالمنادي على نفسه بالْخِزْي في كل لحظة وطرفة . قال : وأنشدني محمد بن عبد الله البغدادي : إذا ما المرء أخطأه ثلاث = فَبِعْه ولو بِكيف الحالفّ مِن رَماد سلامة صدره والصدق منه = وكتمان السرائر في الفؤاد
وأصدق من هذا وأبلغ قول من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم : عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا ، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كيف الحالذَّابًا . رواه البخاري ومسلم .
فاخْتَر لِنفسك مَنْزِلتها ومكانتها في الدنيا والآخرة ..
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) .
http://www.almeshkat.net/index.php?pg=art&cat=8&ref=362 بارك الله بك ياشيخنا وبارك بعلمك وعملك وجعلنا وأياك من الصادقين | |
|