صمت الفراق عضو برونزي
الجنس : الأبراج : الأبراج الصينية : تاريخ الميلاد : 02/01/1985 العمر : 39 تاريخ التسجيل : 25/05/2008 عدد المشاركات : 256 تقييم الأعضاء لك : 1 مدى نشاطك في المنتدى : 30168 عارضة الطاقة ( مدى نشاطك ) : وظيفة العضو : الهواية : إحترامك لقوانين المنتدى : الدعاء : SMS : الوسام الأول : الوسام الثاني : الوسام الثالث :
| موضوع: ح تفيض المشاعر 9/1/2009, 6:17 am | |
| حين تفيض صور غزة ... عن «الحاجة»معن البياري الحياة - 04/01/09//ليس سؤالاً مستهجناً، هل الصور الكثيفة لمحنة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، على شاشات الفضائيات تثير اليأس والإحباط، وقلة الحيلة. وتُظهر إسرائيل في موقع المتجبر الذي لا عمل له غير دفع الآخرين الى اتقاء شرّه، طالما أنه لا يرعوي، ويستسهل قتل الأطفال وهدم البيوت على ساكنيها العزّل ورمي الناس أينما كانوا بالقنابل والصواريخ. كثير من الصور المتدافعة والمتتالية من هناك شديد القسوة، وثمّة من يجتهد ويرى أنها في حاجة إلى شيء من «الفلترة» عند بثها. وهي على أيّ حال تُضاعف من مشاعر السخط والحنق والغضب، ولعلّ هذا بالضبط من وظائف البث الضاغط والثقيل الجرعات. وفي وسع المرء أن يرى هذا إيجابيّاً جداً، يُضاف إلى وجوب أن نعرف نحن «النظّارة» كل تفاصيل المذبحة الجارية، وأن نعرف كل جغرافيا قطاع غزة، ومستشفياتها ومساجدها وجامعاتها وشوارعها ومخيماتها... وأنفاقها، طالما أن هذه كلها مستباحة لجيش الاحتلال وسلاح جوه. لكنّ سؤالاً آخر يبرز، ولأيّ منا أن يجهر به من دون حرج، عمّا إذا كانت مقادير من الملل قد تتسرب إلينا، حين تبحث هذه الفضائية أو تلك عن جديدٍ طوال أربع ساعات أو أكثر ولا تجد، فتعمد إلى تكرار بثّ تقاريرها السابقة ومحاورة مراسليها بأسئلة معادة لتكونَ الإجابات عنها معادة أيضاً. وحين تحافظ «الجزيرة» على نمط وحيد في الأداء، يقوم بعض تفاصيله على محاورة الجميع، إسلاميين وغير إسلاميين، من كل بلاد العرب في المشرق والمغرب، لينطق بعضهم بالاتهامات التي يريد ضدّ من يريد، ومن دون تحرز أو تحوط... تقوم تفاصيل أخرى لهذا الأداء، الذي لا بدّ من الإشارة اليه في جوانب أخرى غير قليلة، على دلق الصور كيفما اتفق أحياناً، وتظهير البشاعات الشديدة الحدّة، وذات الوقع الثقيل الوطأة على المشاهدين، ثم تُتبعها بمحاورة تسيبي ليفني أو بنيامين نتنياهو أو مسؤولين وناطقين عسكريين في جيش الاحتلال أو مستوطنين في سديروت وجوارها... وذلك كله من باب إعطاء كل الصورة من على أطرافها وحوافّها. ولبعض النظارة أن يتحفظوا أو ينتقدوا، غير أنهم لن يفوّتوا أي فرصة للبحلقة في كل الخراب وفي كل الدم، وفي الجثث في المستشفيات وفي نحيب النسوة في منازلهن أو في ردهات مستشفى «الشفاء»، وكذلك في صياح امرأة في الرباط وهي تسأل عن العرب، أين هم، وأيضاً في إجابة طفلة في اللاذقية خلال تظاهرة عن سؤال مراسلة إعلامية عما تطالب به، فتجيب الطفلة أنها تريد فتح مصر معبر رفح (!). تلتزم وسائل إعلام إسرائيلية وأميركية وأوروبية الحذر كثيراً في بث صور قتلى أو مصابين بجروح بالغة، مدنيين أو جنوداً، إذا ما استهدفهم «عدو» ما، لا سيما إذا كانت جثث بعضهم ممزقة أو مشوهة، ليس فقط احتراماً للمشاهدين، بل لئلا يرى هؤلاء ما قد يخدش هيبة أو كرامة «جنود الوطن»، و «هم البواسل دائماً». الصور التي تلزم أن تشاهد هي لأكفان الجنود ملفوفة بالأعلام، تعزف الأناشيد الوطنية لها وتُستقبل وتودّع بإجلال وتقدير. لا يحظى الفلسطينيون بفرص مثل هذه، ولا وقت لديهم لعدّ شهدائهم، وترتيب مثل تلك الجنازات المصحوبة بالموسيقى والصمت البليغ أو غير البليغ في أثنائها. للفضائيات وحدها أن تقرّر الكيفيات التي ترصد فيها عمليات الذبح والهدم والقتل، وأن تُواصل ذلك بتصوير الجثامين في مطارحها غير القليلة، في بيوت منهكة ومتعبة بالدموع، أو في مستشفيات لا تتوسل غير أن تكون حمالات الموتى والثلاجات لجثامينهم لديها كافية. لقائل أن يرى أن ثمة ما قد يشدّ العزيمة أمام ما قد يتسلّل من وهن واستسلام لحال الضعف أمام التوحش الإسرائيلي، وهو أن تحرص الفضائيات على بث صور منازل إسرائيليين في مستوطنة سديروت وجوارها، وحالياً في عسقلان وأشدود وبئر السبع، وقد أصابها ضرر غير قليل، بفعل صواريخ المقاومة الفلسطينية المسلحة. شوهد سياسي إسرائيلي متطرف، هو إيلي شاي، يزور موقعاً قصفته المقاومة، ثم سُمعت صفارات الإنذار، فاختبأ وحراسُه خلف سيارة في المكان. شوهدت الصورة في المرّات المعدودة لبثها، وشوهدت غيرها لإسرائيليين وإسرائيليات في حال هلع وجزع مما قد تُلحقه بهم تلك الصواريخ التي قضى في ضرباتها حتى كتابة هذه السطور أربعة فقط. تُرى، هل تنـــفع صور لمثل هذه الوقائع على التلـــفزيون في حمايتِنا، أو حماية بعــــضنا ربما، من الملل الذي قد يحدُثُ ويتـــسرّب إلينا، من فرط البث الضاغط والكثيف من قطاع غزة؟ وهل تجدي في حمايتِنا من أن تتعمق فينا، أو في بعضنا، مشاعر اليأس من أي قدرة لدينا على مواجهة التجبر الإسرائيلي الأعمى، وهو يستهدف الناس في غزة، من دون تفريق بين مدني وغير مدني، بين أطفال وشيوخ؟ قبل ذلك وبعده، هل نحن في حاجة إلى كل هذه الصور وفي كل وقت، وفي الليل والنهار، لنقتنع بأن فظاعات الوحش الإسرائيلي في التقتيل لا سقف لها، ولنقتنع بأن العرب في القاع منذ زمن، تتحايل عليه الحكومات بأن تتيح لشعوبها فرص تنفيس الاحتقانات الساخطة فيها، ما أمكن؟ | |
|