شجرة عيد الأم وهدم الأقصى صورة تعبيرية لهدم الأقصى وقبة الصخرة
اشتريت لوالدتي “شجرة” زُرعت في فلسطين بمناسبة عيد الأم، وكل ما دفعت ثمنه هو شهادة خضراء اللون مكتوب عليها “أهديكِ يا أمي شجرة باسمك تُزرع في فلسطين” من إحدى جمعيات حماية الطبيعة، ولم أعرف صراحةً إن كانت هناك شجرة ستُزرَع بالفعل على أرض فلسطين أم لا، إلا أنني اتخذت من منطق “يِمكن” أساساً لشرائي هذه الهدية.
ارتسمت السعادة على وجه أمي حين قرأت شهادة “مُلكية” شجرة في فلسطين، وسألتني بلهفة: أين الشجرة؟ أين زَرَعوها؟ وهل سأحصل عليها عندما تتحرر فلسطين؟
لا يا أمي لن تحصلي على شجرة حقيقية في فلسطين أبداً، فالخذلان الإسلامي للمقدسات في فلسطين سيتسبب في هدم الأقصى قريباً، ثم ستتحوّل قضية فلسطين من قضية إسلامية إلى قضية عربية قومية وفلسطينية فقط.
أيضاً لا يا أمّي، لا تعوّلي أبداً على القومية العربية، فقد مُحيَت تماماً منذ عقود، ولا تعوّلي كثيراً على انتفاضة ثالثة، فالأقصى على شفى حفرة من الإنهيار ولم نشهد إلا انتفاضة إلكترونية خجولة وبعض المظاهرات هنا وهناك.
لا يغمرك الأمل يا أمي على الشباب العربي في كل مكان، فهو مُقيّد وفي حيرة من أمره، ليس يملك إلا الصراخ بصوت خفيف، بعضهم يقفون على الضفة الشرقية ينظرون إلى جبال فلسطين، بينهم وبينها البحر الذي مات من أفعال البشر قديماً وسيجف قهراً من أفعالهم الآن، يقفون ويصرخون من بعيداً “فلسطين”، حتى الصدى لا يردّ عليهم.
أمّي، لو تم هدم الأقصى فلن تصبح قضية فلسطين مهمة للجميع كما كانت، بل ستصبح فقط حرباً بين فلسطين واسرائيل، وهل في فلسطين نملك إلا الحجارة؟ بوركت الحجارة.
عدة مواعيد حددتها إسرائيل والعديد من عمليات الحفر تحت الأقصى قامت بها إسرائيل، وها قد أصبحنا نتشبّع الفكرة، حتى نُدمِنَ عليها وحين يتم هدم الأقصى، سيكون “البنج” الذي فينا قد أتى مفعوله ولن نقوى حتى على الصراخ، فالحرب النفسية التي تقوم بها اسرائيل لا نتقنها نحن، إلا أن نستعملها ضد أنفسنا، وهذا هو الحد المسموح للشعوب.
أمي، آسف ولكنك لن تحصلي على شجرة في فلسطين فاكتبي في وصيتك أن يعتني بها أحفاد أحفاد أحفادك، يقطفون منها الزيتون إن كانت شجرة زيتون أو يلعبون تحت ظلها كرة القدم بسلام آمنين.
سلامٌ يا أقصى وسلامٌ على العرب وكل عام وأنتِ بخير يا أمي